الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **
- قوله: روي أن أبا عبيدة قضى بجناية المدبر على مولاه، قلت: رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" حدثنا وكيع عن ابن أبي ذئب عن ابن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه عن السلولي عن معاذ بن جبل عن أبي عبيدة بن الجراح، قال: جناية المدبر على مولاه، انتهى. وأخرج نحوه عن النخعي، والشعبي، وعمر بن عبد العزيز، والحسن رضي اللّه عنهم أجمعين. - الحديث الأول: قال عليه السلام للأولياء: - "فيقسم منكم خمسون أنهم قتلوه"، قلت: أخرجه الأئمة الستة في "كتبهم" [عند البخاري في "الأدب - في باب إكرام الكبير" ص 908 ج 2، وعند مسلم في "القسامة" ص 54 - ج 2، وعند أبي داود في "الديات - في باب القسامة" ص 265 - ج 2، وعند الترمذي في "القسامة" ص 183 - ج 1، وعند ابن ماجه في "الديات - في باب القسامة" ص 196، وعند النسائي في "القسامة" ص 236] عن سهل بن أبي حثمة، قال: خرج عبد اللّه بن سهل بن زيد، ومحيصة بن مسعود بن زيد حتى إذا كانا بخيبر تفرقا في بعض ما هنالك، ثم إذا محيصة يجد عبد اللّه بن سهل قتيلًا، فدفنه، ثم أقبل إلى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، هو، وحويصة بن مسعود، وعبد الرحمن بن سهل - وكان أصغر القوم - فذهب عبد الرحمن ليتكلم قبل صاحبه، فقال له رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: الكبر الكبر، يريد السن، وفي لفظ: كبر كبر، فصمت، وتكلم صاحباه، وتكلم معهما، فذكروا لرسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ مقتل عبد اللّه بن سهل، فقال لهم: أتحلفون خمسين يمينًا، وتستحقون دم صاحبكم ؟ قالوا: وكيف نحلف، ولم نشهد ؟ وفي لفظ [عند أبي داود في "القسامة" ص 265 - ج 2، وعند مسلم في "القسامة" ص 56 - ج 2.]: يقسم خمسون منكم على رجل منهم، فيدفع برمته؟ قالوا: أمر لم نشهده، كيف نحلف، قال: فيحلف لكم يهود، قالوا: ليسوا بمسلمين، وفي لفظ [عند النسائي في "القسامة" ص 237 - ج 2.]: كيف نقبل أيمان قوم كفار؟ فوداه رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بمائة من إبل الصدقة، قال سهل: فلقد ركضتني منها ناقة حمراء، انتهى. قال أبو داود: رواه بشر بن المفضل، ومالك عن يحيى بن سعيد، فقالا فيه: أتحلفون خمسين يمينًا، وتستحقون دم صاحبكم، ورواه ابن عيينة عن يحيى، فبدأ بقوله: تبرئكم يهود بخمسين يمينًا، وهو وهم من ابن عيينة، انتهى. وذكر البيهقي أن البخاري، ومسلمًا أخرجا هذا الحديث من رواية الليث بن سعد، وحماد بن زيد، وبشر بن المفضل عن يحيى بن سعيد، واتفقوا كلهم على البداية بالأنصار، انتهى. ورواية ابن عيينة أخرجها البيهقي في "سننه" [عند البيهقي في "السنن" ص 119 - ج 8.] ولفظه: أفتبرئكم يهود بخمسين يمينًا، يحلفون أنهم لم يقتلوه؟ قالوا: وكيف نرضى بأيمانهم، وهم مشركون؟ قال: فيقسم منكم خمسون أنهم قتلوه، ثم قال: رواه مسلم على أنه لم يسق متنه، انتهى. قلت: رواه أبو يعلى الموصلي في "مسنده" من حديث وهيب ثنا يحيى بن سعيد بن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة، وفيه تقديم اليهود. - الحديث الثاني: قال عليه السلام: - البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، قلت: أخرجه الترمذي [عند الترمذي في "الأحكام - في باب ما جاء في أن البينة على المدعي، واليمين علة المدعى عليه" ص 172 - ج 1]. عن محمد بن عبيد اللّه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قال في خطبته: البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه، انتهى. وقال: هذا حديث في إسناده مقال، ومحمد بن عبيد اللّه العرزمي يضعف في الحديث من قبل حفظه، ضعفه ابن المبارك، وغيره، انتهى. وأخرجه الدارقطني في "سننه" [عند الدارقطني في "الأقضية " ص 517، وأخرج أيضًا عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن شريح عن عمر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم، الحديث] عن حجاج بن أرطأة عن عمرو بن شعيب به، قال صاحب "التنقيح": وحجاج بن أرطأة ضعيف، ولم يسمعه من عمرو بن شعيب، وإنما أخذه من العرزمي عنه، والعرزمي متروك، انتهى. ولم يحسن شيخنا علاء الدين إذ أحال هذا الحديث على "باب الدعوى" والذي تقدم في "الدعوى" البينة على المدعي، واليمين على من أنكر، وهو حديث آخر، غير هذا. واعلم أن شطر الحديث في الكتب الستة، رووه عن عبد اللّه بن أبي مليكة عن ابن عباس، واللفظ لمسلم [عند مسلم في "أوائل الأقضية " ص 74 - ج 1.] أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال: لو يعطى الناس بدعواهم، لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه، انتهى. ولفظ الباقين أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قضى أن اليمين على المدعى عليه، أخرجه البخاري [عند البخاري في "الرهن - باب إذا اختلف الراهن والمرتهن" ص 342 - ج 1، وفي "الشهادات - في باب اليمين على المدعى عليه في الأموال والحدود" ص 327 ج 1، وفي "تفسير آل عمران - في باب - الحديث الثالث: روي عن ابن المسيب أنه عليه السلام بدأ باليهود في "القسامة"، وجعل الدية عليهم، لوجود القتيل بين أظهرهم، قلت: رواه عبد الرزاق في "مصنفه" أخبرنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب، قاال: كانت القسامة في الجاهلية، فأقرها النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ في قتيل من الأنصار وجد في جب لليهود، قال: فبدأ رسول اللّه باليهود، فكلفهم قسامة خمسين، فقالت اليهود: لن نحلف، فقال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ للأنصار: أفتحلفون؟ فأبت الأنصار أن تحلف، فأغرم رسولُ اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ اليهود ديته، لأنه قتل بين أظهرهم، انتهى. ورواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن معمر به، وكذلك رواه الواقدي في "المغازي - في غزوة خيبر" حدثني معمر به. فيه أحاديث مسندة، وأحاديث مرسلة. فالمسند منها ما أخرجه البخاري في "الديات"، ومسلم في "الحدود" [عند البخاري في "القسامة" ص 1019 - ج 2، وعند مسلم فيها: ص 57، مختصرًا] عن أبي قلابة أن عمر بن عبد العزيز أبرز سريره يومًا للناس، ثم أذن لهم، فدخلوا، فقال: ما تقولون في القسامة؟ قالوا: القود بها حق، الحديث بطوله، إلى أن قال - يعني الأنصار - فقالوا: يا رسول اللّه صاحبنا كان يتحدث معنا، فخرج بين أيدينا، فإذا نحن به يتشحط في الدم، فخرج رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فقال: بمن تظنون؟ قالوا: نرى أن اليهود قتلته، فأرسل إلى اليهود، فدعاهم، فقال: أنتم قتلتم هذا ؟ قالوا: لا، قال: أترضون نفل خمسين من اليهود ما قتلوه؟ فقالوا: ما يبالون أن يقتلوه أجمعين، ثم ينفلون، قال: أفتستحقون الدية بأيمان خمسين منكم؟ قالوا: ما كنا لنحلف، فوداه عليه الصلاة والسلام، من عنده، مختصر. - حديث آخر: أخرجه البخاري في "الديات" [عند البخاري في "القسامة" ص 1019 - ج 2، وأخرجه مسلم أيضًا: ص 56 - ج 2] عن سعيد بن عبيد اللّه عن بشير بن يسار أن سهل بن أبي حثمة أخبره أن نفرًا من قومه انطلقوا إلى خيبر فتفرقوا فيها، فوجدوا أحدهم قتيلًا، وقالوا للذين وجد فيهم: قتلتم صاحبنا؟ قالوا: ما قتلنا، ولا علمنا قاتلًا، فانطلقوا إلى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فقالوا: يا رسول اللّه انطلقنا إلى خيبر، فوجدنا أحدنا قتيلًا، فقال لهم: تأتوني بالبينة [قال صاحب "الجوهر النقي " ص 120 - ج 8، وأخرج أبو داود بسند حسن عن رافع بن خديج، قال: أصبح رجل من الأنصار مقتولًا بخيبر، فانطلق أولياؤه إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم، فذكروا ذلك له، فقال: ألكم شاهدان يشهدان على قاتل صاحبكم؟ إلى قوله: قال: فاختاروا منهم خمسين، فاستحلفهم، فأبوا، الحديث، وروى ابن أبي شيبة بسند صحيح عن القاسم بن عبد الرحمن الهذلي الكوفي، قال: انطلق رجلان من أهل الكوفة إلى عمر بن الخطاب، فوجدوا قد صدر عن البيت، فقال: إن ابن عم لنا قتل، ونحن إليه شرع سواء في الدم، وهو ساكت عنهما، فقال: شاهدان ذوا عدل يحثان به على من قتله، فتقيدكم منه، وهذا هو الذي تشهد له الأصول الشرعية، من أن البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه، فكان الوجه ترجيح هذه الأدلة على ما يعارضها، انتهى] على من قتله؟ قالوا: ما لنا ببينة، قال: فيحلفون؟ قالوا: لا نرضى بأيمان اليهود، فكره رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أن يطل دمه، فوداه بمائة من إبل الصدقة، انتهى. وفيه نظر - أعني أنه يحتاج إلى تأمل - . - حديث آخر: أخرجه البخاري، وأبو داود [عند أبي داود في "القسامة - في باب ترك القود بالقسامة" ص 266 - ج 2، ولم أجده في البخاري، وقال الحافظ ابن حجر في "الدراية": وروى أبو داود من طريق الزهري، اهـ، فعلم أنه ليس في البخاري] عن الزهري عن أبي سلمة، وسليمان بن يسار عن رجال من الأنصار أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال لليهود، وبدأ بهم: يحلف منكم خمسون رجلًا، فأبوا، فقال للأنصار: استحلفوا؟ قالوا: نحلف على الغيب يا رسول اللّه، فجعلها رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ دية على يهود، لأنه وجد بين أظهرهم، انتهى. قال المنذري: قيل للشافعي: ما منعك على أن تأخذ بحديث ابن شهاب؟ قال: مرسل، والقتيل أنصاري، والأنصاريون بالعناية أولى بالعلم به من غيرهم، انتهى. - حديث آخر: أخرجه الطبراني في "معجمه" عن عبيد الله بن عبد اللّه بن عتبة عن ابن عباس أن يهود قتلت محيصة، فدعا رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ اليهود لقسامتهم، فأمرهم أن يحلفوا خمسين يمينًا خمسين رجلًا، أنهم برآء من قتله، فنكلت يهود عن الأيمان، فدعا رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بني حارثة، فأمرهم أن يحلفوا خمسين يمينًا خمسين رجلًا أن يهود قتلته غيلة، ويستحقون بذلك الذي يزعمون، فنكلت بنو حارثة عن الأيمان، فلما رأى ذلك رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قضى بعقله على يهود، لأنه وجد بين أظهرهم، وفي ديارهم، انتهى. وفيه عن عبد الرحمن بن عوف، وابن عباس، وسيأتيان في حديث الجمع بين الدية، والقسامة. - المراسيل: فيه عن المسيب، وعن الحسن، وعن عمر بن عبد العزيز. - فحديث ابن المسيب: تقدم. - وأما حديث الحسن: فرواه عبد الرزاق في "مصنفه" أخبرنا ابن جريج أخبرني أبو نعيم الفضل بن دكين عن الحسن أنه أخبره أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بدأ بيهود، فأبوا أن يحلفوا، فرد القسامة على الأنصار، فأبوا أن يحلفوا، فجعل النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ العقل على يهود، انتهى. - وأما حديث عمر بن عبد العزيز: فرواه عبد الرزاق أيضًا أخبرنا ابن جريج أخبرني عبد العزيز بن عمر أن في كتاب عمر بن عبد العزيز: قضى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ في القتيل يوجد بين ظهراني ديار، أن الأيمان على المدعى عليهم، فإن نكلوا أحلف المدعون، واستحقوا، فإن نكل الفريقان، كانت الدية بينهما نصفين، انتهى. - أثر: رواه مالك عن ابن شهاب عن عراك بن مالك، وسليمان بن يسار أن عمر بن الخطاب بدأ بالمدعى عليهم في القسامة بالأيمان، أخرجه البيهقي وغيره [قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" ص 261 - ج 6: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح، انتهى. وعند البيهقي في "السنن - في القسامة" ص 125 - ج 8]. - الحديث الرابع: قال عليه السلام في حديث عبد اللّه بن سهل: - "تبرئكم اليهود بأيمانها"، قلت: تقدم ذلك في حديث ابن سهل، رواه الجماعة الستة. - الحديث الخامس: روي أنه عليه السلام جمع بين الدية، والقسامة في حديث ابن سهل، وفي حديث ابن زياد، قلت: حديث ابن سهل [قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" ص 261 - ج 6: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح، انتهى. وعند البيهقي في "السنن - في القسامة" ص 125 - ج 8] ليس فيه الجمع بين الدية، والقسامة، وحديث ابن زياد غريب، وروى البزار في "مسنده" حدثنا أبو كريب ثنا يونس بن بكير ثنا عبد الرحمن بن يامين عن محمد بن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه، قال: كانت القسامة في الدم يوم خيبر، وذلك أن رجلًا من الأنصار من أصحاب النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فقد تحت الليل، فجاءت الأنصار يوم خيبر، فقالوا: إن صاحبنا يتشحط في دمه، فقال: أتعرفون قاتله؟ قالوا: لا، إلا أن اليهود قتلته، فقال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: اختاروا منهم خمسين رجلًا، فيحلفون بالله جهد أيمانهم، ثم خذوا الدية منهم، ففعلوا، انتهى. وقال: هذا حديث لا نعلمه يروى عن عبد الرحمن بن عوف، إلا بهذا الإسناد، ولم نسمعه إلا من أبي كريب، وعبد الرحمن بن يامين [قال الدارقطني: الأصح أن اسم أبيه آمين - بمد الهمزة - كذا في "اللسان".] هذا، فقد روى عنه يونس بن بكير، وعبد الحميد بن عبد الرحمن بن يحيى الحماني، انتهى. - حديث آخر: أخرجه الدارقطني في "سننه" عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، قال: وجد رجل من الأنصار قتيلًا في دالية ناس من اليهود، فذكر ذلك للنبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فبعث إليهم، فأخذ منهم خمسين رجلًا من خيارهم، فاستحلف كل واحد منهم بالله ما قتلت، ولا علمت قاتلًا، ثم جعل عليهم الدية، فقالوا: لقد قضى بما في ناموس موسى، انتهى. قال الدارقطني: الكلبي متروك، انتهى. وقال البيهقي في "المعرفة" أجمع أهل الحديث على ترك الاحتجاج بالكلبي، وقد خالفت روايته هذه رواية الثقات، انتهى. - قوله: روي عن عمر رضي اللّه عنه أنه جمع بين الدية، والقسامة على وداعة، قلت: رواه عبد الرزاق في "مصنفه" أخبرنا الثوري عن مجالد بن سعيد، وسليمان الشيباني عن الشعبي، أن قتيلًا وجد بين وداعة، وشاكر، فأمر عمر أن يقيسوا ما بينهما، فوجدوه إلى وداعة أقرب، فأحلفهم عمر خمسين يمينًا، كل رجل ما قتلت، ولا علمت قاتلًا، ثم أغرمهم الدية، قال الثوري: وأخبرني منصور عن الحكم عن الحارث بن الأزمع، أنه قال: يا أمير المؤمنين لا أيماننا دفعت عن أموالنا، ولا أموالنا دفعت عن أيماننا، فقال عمر: كذلك الحق، انتهى. ورواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" حدثنا وكيع ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن الحارث بن الأزمع قال وجد قتيل بين وداعة، وأرحب، فذكره بنحوه، ثنا وكيع ثنا ابن أبي ليلى عن الشعبي، بنحوه، ثنا علي بن مسهر عن الشيباني عن الشعبي بنحوه، وأخرجه الدارقطني في "سننه" [عند الدارقطني في "السنن - في الحدود" ص 518، وعند الدارقطني في "الجنايات - والحدود" ص 359 وعند البيهقي في"السنن - في القسامة" ص 125 - ج 8.] عن عمر بن صبيح عن مقاتل بن حيان عن صفوان بن سليم عن سعيد بن المسيب أنه قال: لما حج عمر حجته الأخيرة التي لم يحج غيرها، غودر رجل من المسلمين قتيلًا في بني وداعة، فبعث إليهم، وذلك بعد ما قضى النسك وقال لهم: هل علمتم لهذا القتيل قاتلًا منكم؟ قال القوم: لا، فاستخرج منهم خمسين شيخًا، فأدخلهم الحطيم، فاستحلفهم بالله رب هذا البيت الحرام، ورب هذا البلد الحرام، والشهر الحرام، أنكم لم تقتلوه، ولا علمتم له قاتلًا، فحلفوا بذلك، فلما حلفوا قال: أدّوا ديته مغلظة في أسنان الإبل، أو من الدنانير، والدراهم دية، وثلث دية، فقال رجل منهم، يقال له سنان: يا أمير المؤمنين أما تجزئني يميني من مالي؟ قال: لا، إنما قضيت عليكم بقضاء نبيكم ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فأخذوا ديته دنانير، وثلث دية، انتهى. قال الدارقطني: عمر بن صبيح متروك الحديث، انتهى. وقال البيهقي في "المعرفة": أجمع أهل الحديث على ترك الاحتجاج بعمر بن صبيح، وقد خالفت روايته هذه رواية الثقات الأثبات، انتهى. وأخرجه البيهقي في "المعرفة" [وعند البيهقي في "السنن - في القسامة" ص 124 - ج 8] عن الشافعي ثنا سفيان عن منصور عن الشعبي أن عمر بن الخطاب كتب في قتيل وجد بين خيوان، ووداعة، أن يقاس ما بين القريتين، فإلى أيهما كان أقرب أخرج إليه منهم خمسين رجلًا، حتى يوافوه مكة، فأدخلهم الحجر، فأحلفهم، ثم قضى عليهم بالدية، فقالوا: ما دفعت أموالنا عن أيماننا، ولا أيماننا عن أموالنا؟ فقال عمر: كذلك الأمر، قال البيهقي: قال االشافعي: وقال غير سفيان عن عاصم الأحول عن الشعبي، فقال عمر: حقنتم دماءكم بأيمانكم، ولا يطل دم امرئ مسلم، انتهى. وأخرج البيهقي عن ابن عبد الحكم، قال: سمعت الشافعي يقول: سافرت خيوان، ووداعة أربعة عشر سفرة، وأنا أسألهم عن حكم عمر بن الخطاب في القتيل، وأنا أحكي لهم ما روي عنه فيه، فقالوا: هذا شيء ما كان ببلدنا قط، قال الشافعي [كلام الشافعي هذا مذكور في "السنن الكبرى" للبيهقي: ص 142 - ج 8] ونحن نروي بالإسناد الثابت عن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أنه بدأ بالمدعين، فلما لم يحلفوا، قال: فتبرئكم يهود بخمسين يمينًا، وإذ قال: تبرئكم فلا تكون عليهم غرامة، فلما لم يقبل الأنصار أيمانهم، وداه النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، ولم يجعل على يهود - والقتيل بين أظهرهم - شيئًا، انتهى. - قوله: روي عن عمر لما قضى بالقسامة وافى إليه تسعة وأربعون رجلًا، فكرر اليمين على رجل منهم، حتى يتم خمسين ثم قضى بالدية، وعن شريح، والنخعي مثل ذلك، قلت: أما حديث عمر: فرواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" بنقص، فقال: حدثنا وكيع ثنا سفيان عن عبد اللّه بن يزيد الهذلي عن أبي مليح أن عمر بن الخطاب رد عليهم الأيمان، حتى وفوا، انتهى. ورواه عبد الرزاق في "مصنفه" بتغيير، فقال: أخبرنا أبو بكر بن عبد اللّه عن أبي الزناد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب استحلف امراة خمسين يمينًا على مولى لها أصيب، ثم جعل عليه دية. انتهى. - حديث مرفوع في الباب: رواه عبد الرزاق في "مصنفه" أخبرنا ابن جريج عن عبد العزيز بن عمر أن في كتاب عمر بن عبد العزيز أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قضى في القسامة أن يحلف الأولياء، فإن لم يكن عدد يبلغ الخمسين، ردت الأيمان عليهم، بالغًا ما بلغوا، انتهى. - أثر عن أبي بكر: رواه الواقدي في "كتاب الردة" حدثني الضحاك بن عثمان الأسدي عن المقبري عن نوفل بن مساحق العامري عن المهاجر بن أبي أمية، قال: كتب إليِّ أبو بكر أن أفحص لي عن دوادي، وكيف كان أمر قتله، إلى أن قال: فكتب أبو بكر إلى المهاجر: أن ابعث إلي بقيس بن مكشوح في وثاق، فبعث به إليه في وثاق، فلما دخل جعل قيس يتبرأ من قتل داودي، ويحلف بالله ما قتله، فأحلفه أبو بكر خمسين يمينًا، عند منبر النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ مردودة عليه، بالله ما قتله، ولا يعلم له قاتلًا، ثم عفا عنه أبو بكر مختصر، وهو بتمامه في قصة الأسود العنسي. - قوله: وعن شريح، والنخعي مثل ذلك، قلت: حديث شريح رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن أشعث عن ابن سيرين، بلغ عن شريح، قال: جاءت قسامة، فلم يوفوا خمسين، فردد عليهم القسامة، حتى أوفوا، انتهى. حدثنا وكيع ثنا سفيان عن هشام عن ابن سيرين عن شريح، قال: إذا كانوا أقل من خمسين رددت عليهم الأيمان، انتهى. وحديث النخعي رواه عبد الرزاق في "مصنفه" أخبرنا الثوري عن مغيرة عن إبراهيم، قال: إذا لم تبلغ القسامة، كرروا حتى يحلفوا خمسين يمينًا، انتهى. ورواه ابن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية عن الشيباني عن حماد عن إبراهيم، نحوه سواء، انتهى. - الحديث السادس: روي أنه عليه السلام أُتي في قتيل وجد بين قريتين، فأمر أن تذرع، قلت: رواه أبو داود الطيالسي، وإسحاق بن راهويه، والبزار في "مسانيدهم"، والبيهقي في "سننه" [عند البيهقي في "السنن" ص 126 - ج 8، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" ص 290 - ج 6: رواه أحمد، والبزار، وفيه عطية العوفي، وهو ضعيف، انتهى] عن أبي إسرائيل الملائي، واسمه إسماعيل بن أبي إسحاق عن عطية عن أبي سعيد الخدري أن قتيلًا وجد بين حيين، فأمر النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أن يقاس، إلى أيهما أقرب، فوجد أقرب إلى أحد الحيين بشبر، قال الخدري: كأني أنظر إلى شبر رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فألقى ديته عليهم، انتهى. ورواه ابن عدي، والعقيلي في "كتابيهما" بلفظ: فألقى ديته على أقربهما، وأعلاَّه بأبي إسرائيل، فضعفه ابن عدي عن قوم، ووثقه عن آخرين، وقال البزار: أبو إسرائيل ليس بالقوي في الحديث، وذكره عبد الحق في "أحكامه" من جهة البزار، ثم قال: وأبو إسرائيل، قال النسائي فيه: ليس بثقة، وكان يسب عثمان رضي اللّه عنه، قال: وثقه ابن معين، انتهى. وقال البيهقي في "المعرفة": إنما روى هذا الحديث أبو إسرائيل الملائي عن عطية العوفي، وكلاهما ضعيف، انتهى. وأخرجه ابن عدي أيضًا عن الصبي بن أشعث بن سالم السلولي، سمعت عطية العوفي عن الخدري به، ولين الصبي هذا، وقال: إن في بعض حديثه ما لا يتابع عليه، ولم أر للمتقدمين فيه كلامًا، ورواه عن عطية أبو إسرائيل، انتهى. - قوله: وروي عن عمر أنه لما كتب إليه في القتيل الذي وجد بين وداعة، وأرحب، كتب بأن يقيس بين القريتين، فوجد القتيل إلى وادعة أقرب، فقضى عليهم بالقسامة، قلت: رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" حدثنا وكيع ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن الحارث بن الأزمع، قال: وجد قتيل باليمن بين وادعة، وأرحب، فكتب عامل عمر بن الخطاب إليه، فكتب إليه عمر أن قس ما بين الحيين، فإلى أيهما كان أقرب، فخذهم به، قال: فقاسوا، فوجدوه أقرب إلى وادعة، فأخذنا، وأغرمنا، وأحلفنا، فقلنا: يا أمير المؤمنين، أتحلفنا، وتعزمنا؟! قال: نعم، فأحلف منا خمسين رجلًا بالله ما قتلت، ولا علمت قاتلًا، انتهى. - الحديث السابع: روي أنه عليه السلام جعل القسامة، والدية على يهود خيبر، وكانوا سكانًا بها، قلت: تقدم. - الحديث الثامن: روي أنه عليه السلام أقر أهل خيبر على أملاكهم، وكان يأخذ منهم على وجه الخراج، قلت: أراد المصنف بهذا الحديث أن أهل خيبر لم يكونوا سكانًا، وإنما كانوا ملاكًا، والصحيح الذي اختاره أبو عمر وغيره أن خيبر فتحت كلها عنوة وأنها قسمت بين الغانمين، إلا حصنين منها، يسمى أحدهما: الوطيحة، والآخر: السلالم، فإن أهلهما سألوا النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أن يأخذ جميع ما عندهم، ويحقن لهم دماءهم، ففعل، وسألوه أن يتركهم في أرضهم، ويعملون فيها على نصف الخارج، ففعل على أن يخرجهم متى شاء، وليس في هذا أنه أقرَّهم على أملاكهم، ملكًا لهم، إذ لا يكون ذلك إلا في فتح الصلح، بدليل أنهم استمروا كذلك، إلى زمان عمر، فأجلاهم عمر، وقد ذكر الكصنف في "باب الغنائم" أنه عليه السلام قسمها بين الغانمين. - الحديث الأول: قال عليه السلام في حديث حمل بن مالك للأولياء: - "قوموا فدوه"، قلت: تقدم في "باب الجنين"، وتقدم ما هو أقوى منه، وأصرح في اللفظ. - الحديث الثاني: روي أن الدية كانت في عهد النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ على أهل العشيرة، قلت: روى ابن أبي شيبة في "مصنفه" حدثنا حفص عن حجاج عن مقسم عن ابن عباس، قال: كتب رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ كتابًا بين المهاجرين، والأنصار أن يعقلوا معاقلهم، وأن يفدوا عانيهم بالمعروف، والإصلاح بين المسلمين، انتهى. حدثنا وكيع ثنا ابن أبي ليلى عن الشعبي، قال: جعل رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ عقل قريش على قريش، وعقل الأنصار على الأنصار، انتهى. وروى عبد الرزاق في "مصنفه - في كتاب العقول" أخبرنا معمر عن مطر الوراق عن الحسن، قال: أرسل عمر بن الخطاب إلى امرأة، يطلبها في أمر، فقالت: يا ويلها ما لها، ولعمر، فبينا هي في الطريق، اشتد بها الفزع، فضربها الطلق، فدخلت دارًا، فألقت ولدها، فصاح الصبي صيحتين، ثم مات، فاستشار عمر الصحابة، فقال بعضهم: ليس عليك شيء، إنما أنت وال، ومؤدب، قال: وصمت عليّ، فأقبل عليه، ماذا تقول؟ قال: إن قالوه برأيهم، فقد أخطأ رأيهم، وإن قالوا في هواك، فلم ينصحوا لك، أرى أن ديته عليك، فإنك أنت أفزعتها، فألقت ولدها بسببه، قال: فأمر عمر عليًا أن يضرب ديته على قريش، فأخذ عقله من قريش، لأنه خطأ، انتهى. - قوله: روي عن عمر أنه لما دوّن الدواوين، جعل العقل على أهل الديوان، وكان ذلك بمحضر من الصحابة، من غير نكير منهم، قلت: روى ابن أبي شيبة في "مصنفه - في الديات" حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن حسن عن مطرف عن الحكم، قال: عمر أول من جعل الدية عشرة عشرة في عطيات المقاتلة، دون الناس، انتهى. حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن أشعث عن الشعبي، وعن الحكم عن إبراهيم، قالا: أول من فرض العطاء عمر بن الخطاب، وفرض فيه الدية كاملة في ثلاث سنين، وأخرج في "كتاب الأوائل" من المصنف أيضًا حدثنا غسان بن مضر عن سعيد بن زيد عن أبي نضرة عن جابر، قال: أول من فرض الفرائض، ودوّن الدواوين، وعرف العرفاء عمر بن الخطاب، انتهى. وأخرج عن النخعي، والحسن، إنما قالا: العقل على أهل الديوان، انتهى. وتقدم عند عبد الرزاق في "مصنفه" عن عمر أنه جعل الدية في الأعطية في ثلاث سنين، وفي لفظ: أنه قضى بالدية في ثلاث سنين، في كل سنة ثلث على أهل الديوان في أعطياتهم، انتهى. - الحديث الثالث: قال المصنف: والتقدير بثلاث سنين مروي عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، ومحكي عن عمر رضي اللّه عنه، قلت: تقدما في "الجنايات". - قوله: لا يعقل مع العاقلة صبي، ولا امرأة، قلت: غريب. - الحديث الرابع: قال عليه السلام: - "مولى القوم منهم"، قلت: تقدم في "الزكاة - وغيرها". - الحديث الخامس: قال عليه السلام: - "لا تعقل العواقل، عمدًا، ولا عبدًا، ولا صلحًا، ولا اعترافًا، ولا ما دون أرش الموضحة"، قلت: قال المصنف رحمه اللّه: روى هذا الحديث ابن عباس، موقوفًا عليه، ومرفوعًا، فالموقوف تقدم من رواية محمد بن الحسن، والمرفوع غريب، وليس في الحديث: أرش الموضحة، ولكن أخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه" عن النخعي قال: لا تعقل العاقلة ما دون الموضحة، ولا يعقل العمد، ولا الصلح، ولا الاعتراف، انتهى. وأخرج عبد الرزاق في "مصنفه" عن الشعبي، قال: أربعة ليس فيهن عقل على العاقلة، وإنما هي في ماله خاصة: العمد والاعتراف، والصلح، والمملوك، انتهى. وأخرج عن الزهري، قال: العمد، وشبه العمد، والاعتراف، والصلح، لا تحمله عنه العاقلة، هو عليه في ماله، انتهى. وتقدم في "العشرين الديات" ما فيه الكفاية. - الحديث السادس: روي أنه عليه السلام أوجب أرش الجنين على العاقلة، قلت: تقدم في "الجنين"، أخرجه الأئمة الستة. -
|